فصل: 193- صلح:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الموسوعة الجنائية الإسلامية المقارنة



10- الذكورة في الشهادة على الحدود والقصاص، لحديث الزهري: مضت السنة من لدن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، والخليفتين من بعده أن لا شهادة للنساء في الحدود والقصاص.
11- عدم التهمة: أي لا يكون متهما في شهادته، وللتهمة أسباب منها:
أ- أن يجر بشهادته إلى نفسه نفعا أو يدفع ضرا.
ب- البعضية: فلا تقبل شهادة أصل لفرعه، ولا فرع لأصله، وتقبل شهادة أحدهما على الآخر.
ج- العداوة: فلا تقبل شهادة عدو على عدوه، والمراد بالعداوة هنا، العداوة الدنيوية لا الدينية، فتقبل شهادة المسلم على الكافر، والسني على المبتدع.
د- الحرص على الشهادة بالمبادرة من غير تقدم دعوى، وذلك في غير شهادة الحسبة.
هـ- العصبية: فلا تقبل شهادة من عرف بها وبالإفراط في الحمية كتعصب قبيلة على قبيلة وإن لم تبلغ رتبة العداوة.
نص على ذلك فقهاء الحنابلة، واستدلوا لاشتراط عدم التهمة بقوله صلى الله عليه وسلم: «لا تجوز شهادة خائن ولا خائنة ولا ذي غمر على أخيه، ولا تجوز شهادة القانع لأهل البيت».
* ثانيا: ما يرجع من شروط الأداء إلى الشهادة نفسها ومن ذلك:
1- اشتراط وجود الدعوى في الشهادة على حقوق العباد من المدعي أو نائبه. أما الشهادة على حقوق الله تعالى فلا يشترط فيها وجود الدعوى على رأي جمهور الفقهاء.
2- موافقة الشهادة للدعوى.
3- اتفاق الشاهدين، أو الشهود.
4- أن تؤدى بلفظ الشهادة. بأن يقول: أشهد بكذا وهذا قول الجمهور، والأظهر عند المالكية أنه يكفي ما يدل على حصول علم الشاهد كأن يقول: رأيت كذا أو سمعت كذا ولا يشترط أن يقول: أشهد.
* ثالثا: ما يرجع من شروط الأداء إلى المشهود به ومن ذلك:
1- أن يكون معلوما، فإن كانت الشهادة بمجهول فلا تقبل. وذلك لأن شرط صحة قضاء القاضي أن يكون المشهود به معلوما.
2- كون المشهود به مالا أو منفعة فلابد أن يكون متقوما شرعا.
رابعا: ما يرجع إلى النصاب (أي عدد الشهود).
ويقصد به عدد الشهود المطلوب، فقضايا الحدود مثلاً لا تثبت إلا بشهادة شاهدين عدلين، هذا في غير حد الزنا فإنه لا يثبت إلا بأربعة شهود عدول.
5- كيفية سماع شهادة الشهود:
قال ابن قدامة: (والحقوق على ضربين: أحدهما: حق لآدمي معين، كالحقوق المالية, والنكاح، وغيره من العقود والعقوبات، كالقصاص, وحد القذف, والوقف على آدمي معين، فلا تسمع الشهادة فيه إلا بعد الدعوى؛ لأن الشهادة فيه حق لآدمي, فلا تستوفى إلا بعد مطالبته وإذنه، ولأنها حجة على الدعوى؛ ودليل لها، فلا يجوز تقدمها عليها.
الضرب الثاني: ما كان حقا لآدمي غير معين, كالوقف على الفقراء، والمساكين أو جميع المسلمين، أو على مسجد، أو سقاية أو مقبرة مسبلة, أو الوصية لشيء من ذلك, ونحو هذا, أو ما كان حقا لله تعالى، كالحدود الخالصة لله تعالى، أو الزكاة، أو الكفارة, فلا تفتقر الشهادة به، إلى تقدم الدعوى؛ لأن ذلك ليس له مستحق معين من الآدميين يدعيه, ويطالب به، ولذلك شهد أبو بكرة وأصحابه على المغيرة، وشهد الجارود وأبو هريرة على قدامة بن مظعون بشرب الخمر, وشهد الذين شهدوا على الوليد بن عقبة بشرب الخمر أيضا, من غير تقدم دعوى، فأجيزت شهادتهم, ولذلك لم يعتبر في ابتداء الوقف قبول، من أحد، ولا رضى منه).
5- ضوابط سماع الشهادة الواردة في نظام الإجراءات الجزائية:
بينت المواد (95 إلى 100) من النظام كيفية سماع الشهود على النحو التالي:
1- على المحقق أن يستمع إلى أقوال الشهود الذين يطلب الخصوم سماع أقوالهم ما لم ير عدم الفائدة من سماعها. وله أن يستمع إلى أقوال من يرى لزوم سماعه من الشهود عن الوقائع التي تؤدي إلى إثبات الجريمة وظروفها وإسنادها إلى المتهم أو براءته منها. (م/95).
2- على المحقق أن يثبت في المحضر البيانات الكاملة عن كل شاهد؛ تشمل اسم الشاهد ولقبه وسنه ومهنته وجنسيته ومحل إقامته وصلته بالمتهم والمجني عليه والمدعي بالحق الخاص. (م/96).
3- تدون تلك البيانات وشهادة الشهود وإجراءات سماعها في المحضر من غير تعديل، أو شطب، أو كشط، أو تحشير، أو اضافة، ولا يعتمد شيء من ذلك إلا إذا صدق عليه المحقق والكاتب والشاهد. (م/96).
4- يضع كل من المحقق والكاتب إمضاءه على الشهادة وكذلك الشاهد بعد تلاوتها عليه، فإن امتنع عن وضع إمضائه أو بصمته أو لم يستطع يُثْبتُ ذلك في المحضر مع ذكر الأسباب التي يبديها. (م/97).
5- يستمع المحقق لكل شاهد على انفراد، وله أن يواجه الشهود بعضهم ببعض وبالخصوم. (م/98).
6- للخصوم بعد الانتهاء من الاستماع إلى أقوال الشاهد إبداء ملحوظاتهم عليها، ولهم أن يطلبوا من المحقق الاستماع إلى أقوال الشاهد عن نقاط أخرى يبينونها. وللمحقق أن يرفض توجيه أي سؤال لا يتعلق بالدعوى، أو يكون في صيغته مساس بأحد. (م/99).
7- إذا كان الشاهد مريضا، أو لديه ما يمنعه من الحضور تسمع شهادته في مكان وجوده. (م/100).
6- تزكية الشهود:
التزكية لغة: مصدر زكَّى، يقال: زكَّى فلانٌ فلاناً: إذا نسبه إلى الزَّكاء، وهو الصلاح.
جاء في شرح مجلة الأحكام: (إذا طعن في الشهود من طرف الخصم فتجب تزكيتهم بالإجماع ويكون الحكم بدون التزكية غير صحيح أما إذا لم يطعن الخصم في الشهود فقد اختلف في لزوم التزكية..).
والشاهد لا يخلو من ثلاث حالات:
الأولى: أن يكون مشهورا بالصدق والعدالة، ومعروفاً لدى القاضي بذلك، فهذا لا يحتاج إلى تزكية.
الثانية: أن يكون الشاهد مشهورا بالفسق، فهذا لا تقبل شهادته أصلا لأن العدالة شرط في الشهادة.
الثالثة: أن يكون الشاهد مستور الحال فهذا هو الذي تطلب تزكيته.
7- من الذي يطلب تزكية الشهود:
المحقق إذا حضر الشاهد لدية، فعليه ضبط الشهادة وفقا لما يدلى به الشاهد، ولا يطلب من الشاهد بينة تعرفه وتزكيه، لأن هذا من اختصاص القضاء، فالقاضي هو الذي يطلب تزكية الشهود متى ما رأى الحاجة لذلك، لأن الشهادة تثبت بالإدلاء بها في مجلس القضاء، لكن إذا كان الشاهد معروفاً بالفسق وسؤ المسلك والمحقق يعلم ذلك فلا يقبل شهادته.
8- الرجوع عن الشهادة:
ذهب الفقهاء إلى أن الشاهدين إن رجعا عن شهادتهما، فلا يخلو رجوعهما أن يكون قبل الحكم أو بعده.
فإن رجعا عن شهادتهما قبل الحكم: سقطت شهادتهما، لأن الحق إنما يثبت بالقضاء، والقاضي لا يقضي بكلام متناقض، ولا ضمان عليهما، لأنهما لم يتلفا شيئا على المدعي، ولا على المدعى عليه.
وإن رجعا بعد الحكم وقبل التنفيذ: فإن كان في حد أو قصاص لم يجز الاستيفاء والتنفيذ؛ لأن هذه الحقوق تسقط بالشبهة، والرجوع شبهة ظاهرة، فلم يجز الاستيفاء لقيام الشبهة؛ وإن كان مالا أو عقدا استوفي المال لأن القضاء قد تم، وليس هذا مما يسقط بالشبهة حتى يتأثر بالرجوع؛ فلا ينتقض الحكم؛ وعلى الشهود ضمان ما أتلفوه بشهادتهم لإقرارهم على أنفسهم بسبب الضمان، ولا يرجعون على المحكوم له.
أما إن رجع الشهود بعد تنفيذ الحكم: فإنه لا ينقض الحكم، ولا يجب على المشهود له رد ما أخذه، لأنه يحتمل أن يكونا صادقين، ويحتمل أن يكونا كاذبين، وقد اقترن الحكم والاستيفاء بأحد الاحتمالين؛ فلا ينقض برجوع محتمل، وعلى الشاهدين أن يضمنا ما أتلفاه بشهادتهما.
فإن كان ما شهدا به يوجب القتل، أو القطع، أو القصاص، ينظر في أمرهما؛ فإن قالا: تعمدنا ليقتل بشهادتنا، وجب عليهما القود عند الجمهور، لما روى الشعبي أن رجلين شهدا عند علي رضي الله عنه على رجل أنه سرق فقطعه، ثم أتياه برجل آخر فقالا: إنا أخطأنا بالأول، وهذا السارق، فأبطل شهادتهما على الآخر، وضمنهما دية يد الأول، وقال: لو أعلم أنكما تعمدتما لقطعتكما. ولأنهما ألجآه إلى قتله بغير حق، فلزمهما القود كما لو أكرهاه على قتله.
وإن قال الشهود: أخطأنا، أو جهلنا كانت عليهم الدية في أموالهم مخففة مؤجلة، ولا تتحمل العاقلة عنهما شيئا؛ لأن العاقلة لا تحمل الاعتراف.
9- شهادة الزور:
شهادة الزور من أكبر الكبائر، ولا يجوز العمل بها، وما بني عليها فهو باطل، ولا تقبل شهادة من شهد بها فيما بعد، وقد جاء في حديث أبي بكرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ثلاثا قالوا: بلى يا رسول الله. قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين- وجلس وكان متكئا- فقال: ألا وقول الزور. قال: فما زال يكررها حتى قلنا: ليته سكت» متفق عليه. ولأن فيها رفع العدل، وتحقيق الجور، ولأنها كبيرة يتعدى ضررها إلى العباد، فقد ذهب بعض الفقهاء إلى تعزير شاهد الزور وضربه والطواف به في المجالس.

.حرف الصاد:

.193- صلح:

1- التعريف:
الصلح في اللغة: الاتفاق والسلم، قال ابن منظور: الصُّلْحُ: تَصالحُ القوم بينهم. والصُّلْحُ: السِّلْم. وقد اصْطَلَحُوا وصَالحوا وتَصالحوا واصَّالحوا، مشدّدة الصاد، قلبوا التاء صاداً وأَدغموها في الصاد بمعنى واحد. وقوم صُلُوح: مُتَصالِحُون، كأَنهم وصفوا بالمصدر. والصِّلاحُ، بكسر الصاد: مصدر المُصالَحِة، والعرب تؤنثها، والاسم الصُّلْح، يذكر ويؤنث. وأَصْلَح ما بينهم وصالَحهم مُصالَحة وصِلاحاً.
وفي الاصطلاح: معاقدة يرتفع بها النزاع بين الخصوم، ويتوصل بها إلى الموافقة بين المختلفين.
2- مشروعية الصلح:
ثبتت مشروعية الصلح بالكتاب والسنة والإجماع والمعقول.
أما الكتاب: ففي قوله تعالى: {لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ} [النساء 114]. قال القرطبي: وهذا عام في الدماء والأموال والأعراض، وفي كل شيء يقع التداعي والاختلاف فيه بين المسلمين.
وفي قوله تعالى: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزاً أَوْ إِعْرَاضاً فَلا جُنَاحَ عَلَيهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحاً وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} [النساء 128]، فقد أفادت الآية مشروعية الصلح، حيث إنه سبحانه وصف الصلح بأنه خير، ولا يوصف بالخيرية إلا ما كان مشروعا مأذونا فيه.
وأما السنة: فما روى الترمذي عن عمرو بن عوف رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحا أحل حراما أو حرم حلالا». والحديث واضح الدلالة على مشروعية الصلح. وأخرج الشيخان عن كعب بن مالك رضي الله عنه أنه لما تنازع مع ابن أبي حدرد في دين على ابن أبي حدرد، أصلح النبي صلى الله عليه وسلم بينهما: بأن استوضع من دين كعب الشطر، وأمر غريمه بأداء الشطر.
وأما الإجماع: فقد أجمع الفقهاء على مشروعية الصلح في الجملة، وإن كان بينهم اختلاف في جواز بعض صوره.
وأما المعقول: فهو أن الصلح رافع لفساد واقع، أو متوقع بين المؤمنين، إذ أكثر ما يكون الصلح عند النزاع؛ والنزاع سبب الفساد، والصلح يهدمه ويرفعه، ولهذا كان من أجل المحاسن.